نساء يلدن في العراء تحت أشجار الزيتون

بعد انتهائنا من تحضير وجبات الطعام، خرجنا كالعادة بحدود الساعة الثانية ظهراً لنبدأ بتوزيع الوجبات على النازحات والنازحين الجدد، فذهبنا نحو الأراضي الزراعية في حزانو حيث يستقر العديد من الأسر النازحة هناك، كانت أشعة الشمس حارقة فقد ارتفعت درجات الحرارة بشكل ملحوظ خلال اليومين السابقين، لفت نظري وجود سيدة عشرينية مع طفل صغير عمره ما يقارب السنة والنصف وطفلة رضيعة لا يتجاوز عمرها الأيام، اتجهت فوراً نحوها، وعند سؤالي عن اسمها قالت لي “سوريا”، تفاجأت حقيقةً فلم أسمع سابقاً بشخص يحمل هذا الاسم، تسارعت الأسئلة في ذهني حول اسمها ومن أي مكان أتت ومتى، وما هي الظروف التي أتت بها إلى هذا المكان وهي في فترة النفاس وكيف تقضي أيامها مع طفلة رضيعة هنا.
جلست معها وبدأنا تبادل أطراف الحديث، أخبرتني أنها من قرية النيحة في ريف حماة، وهذه المرة الخامسة التي تنزح فيها ولكنها الأصعب، ليس فقط لأنها خرجت وهي حامل ومقبلة على الولادة، بل لأنها المرة الأولى التي تجلس فيها بين الأشجار بسبب كثرة أعداد النازحات والنازحين، هذه المرة هي الأصعب أيضاً لأنها في المرات السابقة لنزوحها كانت تتمكن من أخذ بعض حاجاتها الشخصية أو الرجوع إلى منزلها عندما يهدأ القصف، أما هذه المرة لم تستطع أن تخرج معها أي غرض من أغراضها أو من ما جهزته للمولودة القادمة بسبب شدة القصف، قالت لي: “كانت أمي مخبيتلي ذكرى من ثيابي، ولما عرفت أني حامل ببنت عطتني ياهم للبسها ياهم، كنت مجهزتلها كل شي بيلزمها” 
وضعت سوريا ابنتها منذ أربعة أيام ولم تستطع أن ترضعها من حليبها بسبب ما مرت وتمر به من ظروف قاسية، قالت لي سوريا :”أنا أخذت من اسمي هذا التراب الأحمر وشجرة الزيتون يلي قاعدة تحت ظلها يلي عم تحمينا من القصف والموت والشمس، وبنتي سميتها شهد على أمل أن تأخد من اسمها نصيب”

الشهادة من عائشة طعمة Aishah Touma من فريق ياسمينات سوريات.
الصورة الأولى لعائشة وسوريا مع طفليها ، أما الصورة الثانية فهي لتوأمين مولودين حديثاً أيضاً لكنهما كانا أوفر حظاً من شهد فلقد حظيا بخيمة، الخيمة ليست في مخيم مجهز وإنما في العراء أيضاً.