بيان الحركة السياسية النسوية السورية حول تطورات الأوضاع الأخيرة في شمال وشمال شرق سوريا

في خطوة لم تكن مفاجئة، قررت الحكومة التركية إرسال قواتها للتدخل في شمال سوريا لهدفين حددتهما: الأول هو محاربة ما تسميه بالإرهاب، والثاني إنشاء منطقة آمنة على طول الحدود الشمالية وبعمق 30 كم. تتم العملية بمشاركة كثير من الفصائل المدعومة تركياً، وبغطاء جوي وقصف للمواقع والمدن، مما أدى إلى نزوح ما تجاوز الـ 130 ألف من سكان المناطق وخاصة عين العرب وتل أبيض والقرى المحيطة بهما.

 كانت الخطوة الأولى التي انتظرتها تركيا طويلاً هي الضوء الأمريكي الأخضر، وانسحاب القوات الأمريكية من الخط الحدودي باتجاه الرقة ودير الزور، مع إعلان ترامب بلا جدوى البقاء في سوريا بعد القضاء على تنظيم داعش بمساعدة قسد، كما اللاجدوى من البقاء في حروب مستمرة لا تخدم المصالح الأمريكية. وهو ما كان إيعازاً لتدخل القوات التركية مباشرة.

 إننا في الحركة السياسية النسوية السورية نرى أن ما تم ويتم في كامل سوريا، لا يمكن اجتزاؤه، ولا يمكن الحكم على منطقة بعينها من دون رؤية التطورات في باقي المناطق.

 فلا يمكن أن يكون التدخل التركي بدون رضى من الضامن الروسي، كما ومن أمريكا التي سحبت قواتها.

كما أن ما يجري في الشمال والشمال الشرقي السوري، لا ينفصل عن ما يتم حالياً في إدلب، وما يوحي بإعطاء الضوء الأخضر لروسيا ومن ورائها النظام السوري لدخول المنطقة، وكأن هناك اتفاقاً لتبادل المناطق على غرار ما تم سابقاً بين الحلفاء الثلاثة (تركيا – روسيا – إيران) لتقاسم النفوذ على المناطق السورية.

كما أننا نرى، وفي ظل استمرار تطور الأوضاع، إن كان على الساحة العربية (دعوة بعض الدول في الجامعة العربية لإعادة النظام السوري إلى حضن الجامعة)، وكذلك مع دعوة قسد من خلال روسيا إلى اتفاق لتسليم المناطق للنظام السوري الذي بدأ بإرسال جيشه إلى مناطق سيطرة قسد، فإن كل هذا سيؤدي إلى إعادة الشرعية للنظام من خلال سياسة الأمر الواقع، ومحاولة إعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل الـ 2011، من حيث سيطرة النظام السوري على كامل الأراضي السورية وتأمين الحدود مع تركيا.

إننا في الحركة السياسية النسوية السورية نود التأكيد على ثوابت حركتنا من حيث:

        إن من يدفع الثمن أساساً هم المدنيات/المدنيون السوريات/السوريون من كافة الأطراف سواء في شمال وشرق سوريا، أو في إدلب، ويجب العمل مباشرة ومن دون إبطاء للضغط على الأمم المتحدة والدول المؤثرة  لضمان حمايتهن/م وتجنيبهن/م المزيد من الويلات.

       رفض سياسة التغيير الديموغرافي التي انتهجتها وتنتهجها كافة الأطراف والدول الفاعلة في الحرب السورية، فهذه السياسة تعني حرباً مستمرة، وعدم إمكانية التوصل إلى استقرار سواء الآن أو في   المستقبل فهو مثل القنبلة الموقوتة التي لابدّ أن تنفجر مراراً وتكراراً.

        رفض جميع أشكال التدخل الأجنبي في سوريا، سواء كان داعماً للنظام أو لباقي الفصائل المسلحة وبأي   حجة كانت ولأي غرض كان، فهذه التدخلات ماهي سوى احتلالات ستترك أثراً بعيد المدى على أي   محاولة لإعادة الإعمار أو النظر في مصلحة الشعب السوري الخاصة بعيداً عن مصالح الدول الأخرى.

       رفض سياسة الابتزاز للاجئات/للاجئين السوريات/السوريين في الدول التي لجأن/وا إليها، فالمفروض أن اللجوء هو سعي وراء الكرامة المهدورة في الوطن، ولا يمكن أن تهدر كرامة السوريات/السوريين وهم في أضعف حالاتهن/م، والتعامل معهن/م كتهديد مستمر إما لدول أخرى، أو ضمن الدول التي لجأن/وا إليها كورقة سياسية في الصراعات بين الأحزاب.

       رفض سياسة التهجير القسري للسكان، والعمل على تحقيق استقرار يكفل الرعاية الأساسية وخصوصاً للنساء والأطفال الذين هم ليسوا طرفاً في العسكرة.

          رفض إعادة الشرعية للنظام تحت أي مسمى كان ولأي ذريعة كانت، ورفض فرض هذه الشرعية كأمر واقع ضروري لتحقيق الاستقرار. ونؤكد أن فرض إعادة الشرعية ماهو إلا خيانة لدماء السوريات/السوريين ولثورتهن/م ومطالبهن/م بالحرية والعدالة والكرامة.

إننا في الحركة السياسية النسوية السورية، نطالب المجتمع الدولي وكافة الأطراف المعنية، وخصوصاً الأطراف السورية التي تعتبر نفسها ممثلة للسوريات/للسوريين، بالوقوف في وجه التدخلات العسكرية ورفضها والعمل على إعادة مسار المفاوضات لتحقيق الاستقرار وإنهاء الحرب التي طالت كثيراً، وذلك بالعمل على تحقيق الانتقال السياسي وإرساء الديمقراطية وتنفيذ قرار مجلس الأمن 2254. 

الرحمة للشهيدات والشهداء والحرية للمعتقلات

والمعتقلين والمختفيات والمختفين والنصر لشعبنا  العظيم

 

الأمانة العامة للحركة السياسية النسوية السورية

الاثنين 14 تشرين الأول 2019